*ذ. مصطفى
الزاهيد
هذه الخطوط العامة التي أطرت مداخلتي التي ألقيتها
في الملتقى الوطني الأول لمدرسي مادة الفلسفة الذي نظمته الجامعة الوطنية للتعليم –التوجه
الديمقراطي- بالرباط يوم 31 يناير 2017 والورقة لا تتضمن التفاصيل التي تمت داخل
النقاش نتمنى أن ينشر التسجيل الكامل للمداخلات إن توفر مع خالص الشكر للجهات
المنظمة
في هذا العرض لن أسعى إلى
تقديم درس نظري ومدرسي حول تاريخ الفلسفة أو فلسفات بعينها، ولن أسعى على غرار
أفلاطون إلى استدراج المستمع إلى بناء مفهومات حول المعقولات والمثل الثابتة ولن
أسعى إلى تحريره من الظلال والتصورات الظنية، بل ستكون الغاية هي التفكير من خلاله
ومعه في "معركة الحق في الفلسفة من داخل المدرسة العمومية"، وهو سؤال
يجد أسسه في الفكر المعاصر وفي تراث
الحداثة والتنوير الغربي، فالحق لم يكن من الممكن أن يحظى بالتقدير والاحترام وأن
يصير سلطة إلا في سياقات اجتماعية أدى فيها الصراع الاجتماعي إلى انتزاع العديد من
المطالب وإقرار الاعتراف بها بوصفها حقوقا مدنية للمواطنين، وفي هذا السياق يمكن
أن نقول أن الاعتراف بالمعرفة باعتبارها حقا مدنيا يجب أن يكون مشاعا ومتاحا لجميع
المواطنين هو وليد القرن العشرين لكن التأسيس له حاضر منذ القرن السادس عشر مع الموسوعيين
الطامحين إلى تعميم المعرفة وتنوير الجمهور والفلسفة هنا معرفة مطلوبة وقد استطاع
المغاربة عن طريق سنوات من النضال الوطني أن يكرسوا تدريسها باعتباره مطلبا تحول
إلى حق حينما تم إقرارها مادة للتدريس في مستويات الجامعة والتعليم الثانوي ، السؤال
الذي يكون مطروحا هنا لماذا هذا الإلحاح على المطالبة بالحق في الفلسفة من داخل المدرسة
العمومية؟ ولماذا نحن في حاجة إلى خوض معركة من أجل هذا الحق في الفلسفة من داخل
المدرسة العمومية؟ ثم سؤال آخر عملي: مالعمل من أجل أن ننتزع هذا الحق ونضمن
الاعتراف القانوني به وهو متوفر والأخلاقي
ليصر ملزما ؟
شروط موضوعية:
يمكن القول أن التخلف
الذي نعيشه على مستوى المغرب وعلى مستوى إفريقيا، وضع على المغرب سؤال الاختيارات
الكبرى والإستراتيجية على مستوى بناء الدولة مباشرة بعد الإستقلال وبحكم الإرث
السوسيولوجي وطبيعة النظام السياسي في المغرب كان الجواب الذي يقدمه السلفي
المغربي هو التعامل بانتقائية مع الغرب ومع منتجات الحضارة المعاصرة بينما الجواب
الذي جسده اليسار هو هو القطع مع الماضي وتبني الخيار الاشتراكي أو الخيار
الليبرالي
المهم ما يوحد هذه الخيارات هو الرغبة في بناء مجتمع جديد ،(وهي رغبة
الليبرالي والاشتراكي والسلفي المغربي) لكن تجديد المجتمعات يحتاج إلى تجديد مصادر
المعرفة التي تساهم في تشكيل وعي أفرادها:
ü
فبدأ التراجع التدريجي لدور المسجد
لصالح المدرسة
ü
تراجع دور الفقيه لصالح المعلم
ü
تراجع دور الشيخ لصالح السياسي
والمثقف
فالخطاب الفلسفي المغرب لم يكن يوما منفصلا عن العلوم الإنسانية والاجتماعية
بل تطور بشكل محايث لها، هنا كانت المعرفة الفلسفية والاجتماعية حاضرة في قلب
هذه المصادر الجديدة من داخل المدرسة
المغربية ومن داخل الجامعة المغربية ويشكل معهد السوسيولوجيا بالمغرب إحدى أهم الأسس
الحاضنة والمكونة للفكر الفلسفي والاجتماعي في المغرب
كانت مهام المعهد كما وصفها وحددها
الخطيبي وباسكون هي "منح المغرب فرصاه التاريخية لتملك تاريخه وزمانه ومكانه
ومعرفته الذاتية بمتغيرات وبنياته"
سنة 1970 سيتم عقد مناظرة
أيفران حول إصلاح التعليم برئاسة الملك الحسن الثاني وسيحضرها الخطيبي بحكم كونه
مديرا للمعهد وسيتم إخباره حينها بان معهد السوسيولوجيا قد تم إغلاقه وبأنه هو وأصدقاؤه
موقوفون عن العمل. عقبه محاصرة التسجيل في شعب الفلسفة.
هذا المنع الذي طال
الفلسفة على مستوى حورها الجامعي سينعكس بشكل مباشر على حضورا على المستوى المدرسي
وخاصة أن إغلاق شعبة الفلسفة في العديد من الجامعات وكذلك إغلاق معهد السوسيولوجيا
مقابل فتح شعبة الدراسات الإسلامية وتعمميها سيكن له انعكاس تجلى في مأسسة التناقضات التي كان المغاربة وقواهم
السياسية تسعى للتخلص منها وهي ثنائيات (حداثة /تقليد) (أصالة/معاصرة).
إن الدولة في المغرب
والعالم العربي الكبير لازال يحكمها
"لاشعور سلطوي" ضارب بجذوره في مجتمعات ماقبل-حديثة كانت تعتبر المعرفة
دوما سرا من الأسرار يجب حراسته بعناية فائقة وخاصة المعرفة التي تنور الرأي العام
وتفكك آليات اشتغال السلطة وتؤدي إلى استخدام العقل، لذلك اعتبرت المعرف سرا وسحرا
في بعض المجتمعات يجب أن لا تصل إلى العامة الذي حدد ورسم لهم دور هامشي يمنحهم
فقط المعرفة التقنية التي بقيت محدودة في
الحرف والمهن اليدوية التي تلبي حاجات السلطة والكهنة وخدامها وهو رأي بقي مكرسا
حتى من طرف أفلاطون وارسطو.
اليوم منع الفلسفة في
المغرب هو نوع من الاستحواذ على معرفة ينظر إليها باعتبارها سحرا لايجب أن يصل إلى
عامة الناس نظرا لكونها تضلل وتشوش أذهانهم على الغايات والرامي التي تخدم السلطة
.....
مهام الفاعلين:
-
الانخراط في الأندية المدرسية وربط الفلسفة بالحياة بالنسبة للمتعلمين
-
الإسهام الثقافي للمدرسين في الحياة العامة بالكتابة والنشر
-
الحضور اليومي لمدرسي لفلسفة على مستوى وسائط التواصل الاجتماعي والترويج
للتنوير
-
الحسم مع قوى الإسلام السياسي على مستوى المؤسسات ومع أنشطتها الملغومة
التي تنهج التقية في العديد من سلوكاتها من أجل استقطاب أساتذة الفلسفة وتحييدهم
من الصراع الثقافي والفلسفي
-
التفكير في جبهة وطنية أو هيئة فلسفية-مجتمع فلسفي تضم أساتذة الجامعة
والتعليم الثانوي التأهيلي وكل الفاعلين
والمدافعين على مجتمع حداثي ديمقراطي ومتعدد (هنا أشير إلى أن هذا المقترح ليست
فكرتي بل فكرة المجتمع الفلسفي سبق لأستاذ الفلسفة كمال صدقي في العديد من مقالاته
الدعوة إليها وفكرة هيئة فلسفية مغربية هي من اقتراح الدكتور محمد أبطوي الذي دعا إليها في العديد من
تذويناته على الفايس ومحاضراته)
-
التخلص من الإيغو الأفلاطوني
المتضخم لدى أساتذة الفلسفة والإقامات خارج الأرض في قلب المفاهيم بل يجب
أن ترتبط الفلسفة بشكل جدلي مع واقعها ومحيطها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق