آخر الأخبار

الخميس، 3 يوليو 2025

كتاب جماعي يحتفي بالمشروع الفلسفي للمفكر المغربي إدريس هاني

 أصدر عدد من الباحثين عملًا تأسيسيًا ضخمًا يتمثل في الكتاب الجماعي الموسوعي الموسوم بعنوان "مع المفكر العربي إدريس هاني: قراءات في أعماله الفلسفية ومشروعه الفكري". ويمثل هذا الإصدار ثمرة تعاون علمي رفيع بين ثلاث مؤسسات بحثية مرموقة في العالم العربي: المجمع الفلسفي العربي (بغداد)، مركز الدراسات المستقبلية (الخرطوم)، ومركز دلتا للدراسات المعمقة (بيروت). ويقدم هذا العمل أول مقاربة شاملة ومتعددة الرؤى للمشروع الفكري الذي أرسى دعائمه أحد أبرز مفكري المغرب والعالم العربي المعاصرين.

        تتجلى القيمة العلمية للكتاب في التقديم الذي حرره المفكر والخبير الدولي الإيطالي باولو كابوزو (Paolo Capuzzo)، حيث يضع فكر إدريس هاني في سياقه الكوني، مؤكدًا على راهنيته حين يقول: "العالم العربي والإنسانية عمومًا بحاجة إلى أمثال إدريس هاني. ففي زمن تتعرض فيه الثقافة والهوية لتحديات العولمة والتوحيد القسري للأنماط الحضارية، تبدو أفكاره ضرورية. نحن نطمح أن نسير على خطاه، وأن نضيء، من موقعنا، شيئًا من الطريق نحو التحرر والكرامة الإنسانية".

        يمتد هذا المنجز الثقافي على مدى 626 صفحة من الحجم الكبير، ويضم بين دفتيه نحو ستين مساهمة علمية رصينة، صيغت ضمن تصور شمولي يتوزع على أربعة محاور كبرى تغطي المشروع وتحدد معالمه. يُستهل الكتاب بقسم مخصص للشهادات والانطباعات، يرسم بورتريهًا معرفيًا وإنسانيًا للمفكر هاني، بأقلام نخبة من الشخصيات الفكرية والأكاديمية البارزة، من بينهم الدكاترة ميخائيل قنبر، ومحمود حيدر، وعبد الجبار الرفاعي، ونجف علي ميرز، وفؤاد بلحسن، وعبد الرزاق الجبران، ومها أبو خليل، وليلى شمس الدين.

        أما المحور المركزي للكتاب، فيتمثل في قسم الدراسات الأكاديمية التي تنكب على أسس مشروعه الفلسفي، مستنطقة مقاصده، ومحللة رؤاه النقدية للفكر المقاصدي، والفلسفة السياسية، والحضارة. وقد شارك في هذا القسم الدكاترة إحسان الحيدري، وكمال كازينوف، ومحمد فال السباعي، وحسن الحريري، ورسول محمد رسول، وأحلام بيضون، وعلي حسين يوسف.وقد خصص   القسم الثالث للتحليل النقدي والمراجعة لأبرز مؤلفات هاني التي شكلت علامات فارقة، مثل ما بعد الرشدية، العرب والغرب، أخلاقنا، المفارقة والمعانقة، ومحنة التراث الآخر. وقد ساهم في هذا المحور ثلة من الأسماء الفكرية الوازنة، من بينهم الدكاترة رضوان السيد، وموريس أبو ناضر، وعبد الكبير المدغري، ودلال عباس، وتركي علي الربيعو، وحسن الربيعي، وشيماء الهواري.

        وفي السياق ذاته، خُصص قسم رابع للتجربة الإبداعية والفكرية عند هاني، مع محور خاص بالقراءات الفلسفية والأدبية والبلاغية في تجربته الشعرية، وخاصة ديوانه أنين الحروف. وشارك في هذا المحور نقاد وشعراء مرموقون، من أبرزهم الدكاترة عبد الحسين شعبان، وسناء الشامي، وإسحاق علي محمد، ومحمد الحور، والأستاذ عبد العزيز بنعبو.

        ويُذكر أن الإشراف على التنسيق العلمي والفني لهذا العمل الثقافي، الذي يندرج ضمن رؤية للاعتراف بمكونات الثقافة المغربية المعاصرة، قد شارك فيه كل من الأساتذة الزاهيد مصطفى، وطارق بكريم، وحسن الحريري، بدعم من هيئة تحرير علمية متخصصة. وبهذا، يتجاوز الإصدار مجرد كونه تكريمًا مستحقًا، ليقترح نفسه كمشروع فكري جماعي يسعى إلى إعادة صياغة أسئلة النهضة، ويضع المقولات الكبرى للفكر العربي والإسلامي الحديث على مشرحة النقد والتفكيك. إنه عمل يؤسس لمرحلة جديدة من التلقي النقدي لفكر إدريس هاني، ويكرس مكانته كمهندس معرفي يعمل على بناء فكر نقدي أصيل، مستقل ومسؤول.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق