إدريس هاني: مفكر مغربي
لكل قطر نصيبه من فصيلة الـ"صّالوبّار"، لهم مزاج قرائي هو الأسوأ في تاريخ القراءات..سأؤجّل البثّ في نصّ عُصابي عندنا وسأستعجل البث في نصّ ذُهاني من نمط غريب في عناده الرجعي، ولا يظهر إلاّ في الأزمات كمناهض للمقاومة والكفاح في مفارقة لا يتمثّلها إلاّ صالوبّار حقيقي..أقصد جيدا ما أقول..حين ينتهي المنطق، ينحرف التواصل، ويصبح الحقد هو الذي يتترس بالأفكار والمفاهيم، هنا أرى أنّ الكذب على المفاهيم وحقائق التاريخ والجغرافيا يقتضي الرجولة في الدعس على الإسفاف..إنهم ليسوا مثقفين في نظري بقدر ما هم "دي صالبور"، وأتحمّل مسؤولية هذا الكلام لأنني خبير جدّا في هذا الخداع المتلبّس بالمفاهيم الكبرى..ولقد كتبت عن أبي يعرب المرزوقي ما لو كان فيه حسّ للرجولة لبارزني، ولكنه خسيس..ولرافعني ولكنه جبان..ولكنني سألاحق كل حقارته لأدعسها برجلي من دون اكتراث..إن لم يكن المرء يحترم العلم وله شيء من الأخلاق فعليه أن يكون محاربا..روحانيتنا أيها الصالوبّار روحانية محاربة تلاحق أحكام القيمة في كل منحنياتها..يكتب الصالوبار مقالا استفزازيا، أزعر، تحت عنوان: "معادلة قوى العرب السياسية حكما ومعارضة"..وكثيرا ما يثيرنا حديثه عن العملاء ويقصد بهم من يدافعون عن المقاومة، وأنا معني جدّا بهذا الخطاب المتقوّد على طريق الرجعية لرجل صالوبار ليست فيه مروءة الرجال..مثقف زنديق شحاد طرار عينه على التمكين ويتملق بقوادة كبيرة لكل من أوردوغان وقطر..ويكفي هذا لكي يخرس حين يوجه سهامه للأحرار..فهو لا يريد أن يعترف بأنّ ما حصل في الحرب على سوريا هو ضرب من القوادة بمستوياتها الدنيئة والراقية: دعارة سياسية وعسكرية..أي معنى للشهامة حين تكون طرّارا بالفكر، وهل محور الممانعة سوق للربح؟ إنّنا نشعر بالألم الكبير أننا لم نستطع أن نقدم لسوريا ما تحتاجه لمواصلة هذا الكفاح..شخصيا لا زلت أشعر بالجرح الكبير أنني لم أستطع في بعض رحلاتي وليس كلها لحضور أعمال بعض المؤتمرات أن أمول كل الرحلة..بينما ماذا سيقول زنديق يتقول في محور المقاومة وهو يزف نفسه كعاهرة إلى من يدفع أكثر ومن يمنحه التمكين..سيسقط كل هذا الزيف، وسيسقط المثقفون العبيد معه..ولكن على الأحرار أن يفركوا أوذان هؤلاء الجبنان ويقطعوا ألسنتهم الناطقة بالحقارة..يحاول في هذه المقالة أن يرصد جملة من الملاحظات زعم أنها ملاحظات من خارج باعتباره اعتزل السياسة بسبب أنها لا تلائم طبعه..وهو لا يعرفنا بطبعه حيث أولى خصائص هذا الطبع هو فساد الضمير وقلّة الوفاء..إنه يكذب على الرأي العام حين يتحدث عن العزلة كما لو أنها اختيارية، بينما هو متخلّى عنه من قبل الجهة نفسها التي جاءت به وأسقطته في المشهد السياسي وأعني بذلك حركة النهضة..وحين أفلس الصّالوبّار بدأ يزبد ويرغي ورأى أن يصبح بوقا موجّها ضد
محور المقاومة كما لو أن محور المقاومة هدم بيت (...)، في حين أنه لحس صبّاط الحرامية..انظر إلى التسلسل المنطقي المزيّف حين يضعنا أمام تصنيف مغرض وحقير ثنائي لا ثالث له، فيقول ويكرر بلا ملل:
"فالقوى السياسية تنقسم إلى صنفين واضحين:
1. الأنظمة العميلة صراحة للصهيونية
2. والانظمة العميلة صراحة للصفوية.
وهي أنظمة المحميات العربية التي هي صنفان محميات إسرائيلية ومحميات إيرانية بسند من أمريكا للأولى ومن روسيا للثانية. وهذان الصنفان هما فرعا الثورة المضادة العلنية تمويلا وحربا".
لا زال الصالوبار على عهد ثورة ترعاها الرجعية، ولكنه لا يشبع من بول البعير، وينتهك كلامه حين كان قبل عام أو قليل يقول بأنهم عملاء لأمريكا وليس لروسيا..فهو يخفي طبيعة اصطفاف من يراهم حماة ثورته السبهللة، ويعزو سقوطها إلى محور المقاومة الذي هو ضحية مؤامرة من محوره نفسه..لا نعرف أي معنى للعمالة يحملها هذا الصّالوبّار، هل سوريا وإيران عملاء لروسيا، أي معنى بقيّ لمفهوم التحالف الاستراتيجي؟ لقد استعمل مقابلة خسيسة، وقارن بين الصهيونية وإيران وهي ذات المقارنة التي استعملها المحور نفسه الذي يتهمه بالعملاء لإسرائيل، وكأن الصالوبار يعتقد أنه يقف على محور خارج العمالة لإسرائيل..ويضيف تصنيفا آخر فيقول:
"ولكل من هذين الصنفين صنفان يزعمان معارضتهما في بلادنا:
• اليسار
• والقوميون.
وكلاهما يدعي معاداة حليف الثاني لكنه حليف حليفه.
فالقومي واليساري في تونس يدعيان الثورة ويتحالفان ضدها.
وإذن فالأول صديق عميل الصفوية (بشار).
والثاني يحالف صديق الصهيونية (السيسي):
والعميلان متحالفان ضد الثورة".
ويبلغ القبح غايته حين نسمع حديث المرزوقي عن الثورة كما لو كان يتحدث عن الثورة الفرنسية، او كما لو أن هؤلاء ليسوا قادة ثورة..يعني أن إيران والمقاومة كانوا ضد الثورة فقط لأنهم حافظوا على قواعد الاشتباك وحموا الجغرافيا السياسية للأمة التي كان رفاقه يعملون على تفتيتها، وكما لو أن بشار الأسد كان ضد الثورة فقط لأنه صمد وأطاح بمشروع الشرق الأوسط الجديد مهد الثورات الملونة..ناسيا ومتناسيا أن من ينتقدهم من المحور الصهيوني هم شركاءه في التآمر على سوريا ويحملون ذات المفاهيم المغالطة..نسأل الصالوبار الذي لم تعد تهمه سمعة المنطق: اذا كان بشار عميلا، فأوردوغان ماذا؟ وفي ماذا كان عميلا؟ وهل مقاومة الاحتلال والإرهاب هي علامة على العمالة؟
سنستمر في هذا الهذيان ونستمع لأحقر تحليل سياسي في تاريخ العلوم السياسية، حين يتطاول الجدجد على بوتن فيقول:"وما كان بوتين يستطيع انقاذ إيران في سوريا لو لم تكن مافيات روسيا التي تأتمر بأوامر الصهيونية راضية بذلك ليس حبا في إيران بل خدمة لإسرائيل التي لا يمكن أبدا أن تقبل أمرين: أن يصبح السوريون أحرارا وأن تنفتح الحدود بين العرب والأتراك فيسقط سايكس بيكو".
هناك غياب كامل لفضيلة الاعتراف، فالمسألة أخلاقية وليست رؤيوية، لأنّ الأمور باتت واضحة، وأن هذه اللغة الساقطة كانت في بداية الأزمة تتوسل بالميديا وهيمنتها، واليوم لم يعد في وسع الجُدجُد إلاّ تكرار ما داسه الزمان الجيوبوليتيكي، هنا يظهر العُصاب على صاحبه.. يتحدث عن الحدود العربية وكأنّ من كان يدافع عن الأمة العربية هو أوردوغان وليس بشّار..
لم يعد فقط قائد المقاومة كما سبق وكتب الصالوبار هو وحده يمارس العنترية بل لقد وصف بوتن نفسه بالعنترية، ذلك لأنّ الحاقد يصعب عليه رؤية الأمور كما هي، فالصمود عنده عنترية لأنه كان كما كلّ ملّته كانوا ينتظرون أن ينبطح قادة المقاومة لأسياده الذين يتحدث عنهم كما لو أنه فعلا مناهض للإمبريالية بينما هو لاحس لصباط الامبريالية والرجعية ويتباكى عليها حيث لم تساعده على تحقيق برنامجه..
يدعوا أبو يعرب المرزوقي الى موّاله القديم أي الاستئناف الإسلامي الذي كان يعتقد أن ثورة الناتو هي من سيحقق له الأرضية المناسبة للانطلاق، لكن استئنافيته التيمية تلك تُختزل في إقليم هو المصدر وإقليم ثاني هو المحافظ..الإقليم المصدر هو المؤسس (العرب) وحداه المحافظ وما بين حديه توجد أمم علق عليها الإسناد ويقصد الأكراد والأمازيغ وسودان أفريقيا في الصراع مع الغرب..أمام علم كلام القوادة هذا نتساءل وأين الفرس يا قليل المروءة؟ وهنا نجد أنه يحمل عقدا طائفية وإن كان يزعم أنه يتحدث بالتحليل لأن مثل هذه الأفكار نبتت في مزابل الطائفية الوهابية فلا مجال للتّلوّي في الإكثار من السّؤال اللّوّي وهو ما وصفت به فكرته عن حوار الحضارات في 2000 بدمشق حين كان يحاول إقناع بعض السوريين والإيرانيين بمساعدته..يتجاوز الصالوبار كل حقائق التاريخ والجغرافيا والسياسة ليتحدث عن حلم حقير، سبق وجعل نموذجه فيمن سماه بمعاوية الثاني: أوردوغان، معتبرا أنّ إيران وحلفاءها هم خطر على الإسلام..فالإقليم العربي الذي جعله المعتوه شرطا لقيام استئنافيته هو إقليم عربي وجب أن يهيمن عليه إخوان رابعة ويقدم الولاء للعثمانية الجديدة..اقليم عربي إخواني بامتياز..لكن من منح أبي يعرب المرزوقي الحق في تصنيف الإقليم العربي، وهل العرب كلهم على دين أبي يعرب المرزوقي في الخيانة؟ هناك أحرار ومقاومون فوق هذه الخريطة، فالاختزال والتصنيف هنا دجل..يقول القوّاد:"عبارة (غير المعادين للإسلام) هي لاستثناء إيران التي كانت ولا تزال دائما حليفا لأعداء الاسلام سواء كانوا صليبيين أو مغوليين من الشرق أو استرداديين (البرتغال) أو استعماريين أو اخيرا مغول الغرب (الولايات المتحدة وعودة مليشياتهم على ظهر دباباتها لتهديم العراق)".
الصمود والمقاومة في نظر أبي يعرب هي عمالة وخيانة وعداوة للعرب..ويرى أن نقمته على إيران لا يعني الميل لإسرائيل بل يقول: "ولا يعتبر هذا الحكم ميلا إلى إسرائيل إلا من بلغ به السخف والسذاجة الظن بأن العرب مجبرون على الاختيار بين عدوين لاتباع أحدهما أو أن الإنسان لا يكون له إلا عدو واحد إذا عينه وجب عليه أن يصادق البقية.
إسرائيل عدو.
إيران عدو.
والحلف مع أي منهما خيانة للأمة: لنا طريق أخرى".
يدلس المرزوقي على قارئه لأنه لا يحدثنا عن لوجستيك الطريق الثالث، إنه طريق الإخوان، طريق الجزيرة، طريق أردوغان..فالمدلس يخفي أنه يعتبر الحوار مع إسرائيل حقّا، وإذا استمر على هذا الهذيان فستسقط منه أخيرا ورقة التّوت..فهذه نهاية كل حقير مهما تترس بلغة المفاهيم.. لذا هو يعتبر إيرانى هي الأعدى على الأمة من كل عدو، وهي وفق هذا المنطق الحقير تصبح أخطر من إسرائيل، فيقول بكثير من الشّرمطة: "لذلك فإسرائيل عدو صريح ولا يستطيع المس بالإسلام لأن مجرد وضوحه يحول دونه وذلك. لكن إيران تريد مثلها الارض وتخرب الإسلام فهي إذن أعدى".
وإذن بات واضحا شرط هذه الاستئنافية، إنها إقليم عربي متأخون بحداء العثمانية المحافظة..
يكشف المرزوقي عن داء السُّل الطائفي المزمن في صيصيته فيقول: "فهم لعبة في خدعة صفوية وصهيونية بيد الأنظمة التوابع لهما والنخب التوابع للأنظمة التوابع -مليشيات القلم-لإنتاج داعش لتهديم المعالم السنية النسقي".
إذن المستهدف الأول للإمبريالية هم جماعة الإخوان مع أنهم رقصوا رقصة المطرعلى ركح مشروع الشرق الأوسط الجديد..فأوردوغان كما قال مرارا هو شريك في هذا المشروع، وأبو الإخوان قال حين كان في الكرسي لملهم الشرق الاوسط الجديد (بيريز): نتمنى لك ولشعبك الخير والرغد..بأيّ وجه مقزدر يُقال عن محور المقاومة أنه عميل؟..يقول مع ذلك: "ولذلك فالمستهدف الأول والأخير هو العرب والأتراك في بؤرة البؤرة العالمية. فالعرب هم بداية دولة الإسلام والأتراك هم غايتها وقد بدأوا يستعدون قوتهم. ذلك حاولوا أسقاط النظام التركي واسقطوا جل الانظمة العربية التي كان يمكن أن تسترد وعيها فتتجاوز مرض القومية التي فتتت قلب دار الإسلام. فأعادوا العراق وسوريا إلى الطائفية بنفس ما برر به أصحاب سايكس بيكو حربهم على سنة الإقليم في الهلال وفي بقية دار الإسلام: داعش الشيعية او الحشد".
لم نشأ المضي في مقارعة هذا الدّجال في حقائق التاريخ والجغرافيا ودور فارس في الحضارة الإسلامية ، وهل يستطيع أن يتحدث عن الأراضي العربية التي يحتلها أوردوغان؟ إنه طبعا لا يستطيع أن يقول الحقيقة بهذا اللسان الطويل من فرط لحس طناجر الإخوان، لكن من يسميهم ميليشيا القلم هم مناضلون، ومن يسميهم عملاء هم مكافحون، وبأنّني شخصيا سأركل كل نصّ ينتجه هذا الجُدجُد وأخضعه لقانون السقوط الحرّ على المناخير..
ادريس هاني:17/12/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق